الشهيد القسامي/ أحمد حاتم محمود المنسي
مثالٌ للعطاء والمثابرة
القسام - خاص:
هم جنودُ اللهِ في ساحات الكرامة، هم المعاول التي تحفرُ جسورَ النصر والتحرير، همُ الأقدر والأجدر على مواصلة طريق الجهاد، وحتى بعد استشهادهم، فدماؤهم وقودٌ يسيّر سفينة الجهادِ في سبيل الله، فطوبى لكم أيها الشهداء الأطهار.
نتكلم اليوم عن شهيد مضى، نحسبه ولا نزكي على الله أحد، كان رمز للعطاء والأخلاق، ومن الذين تركوا بصمتهم في كل الميادين، وتقدموا الصفوف، ورفضوا الركود، هو الشهيد المجاهد: أحمد حاتم المنسي.
نشأة المجاهد
شهد وبزغ نور القسامي أحمد المنسي بتاريخ 29/11/1986م لأسرة كريمة محافظة لكتاب الله وسنة رسوله، تعيش في شمال قطاع غزة، وكان رحمه الله متواضعاُ خلوقاً، تربى في حلقات العلم وتعلم حب التضحية والجهاد، وتربي على معاني الرجولة والشجاعة منذ صغره.
عرف عنه بأنه اجتماعي جداً فكان دائماً يعطف على أهله في البيت، وكان يوصي أولاده بالصلاة ويجلس معهم ويعلمهم تعاليم الدين، وكان يدعو جميع إخوانه ويحببهم في الجهاد والرباط في سبيل الله.
حافظ رحمه الله على حق الجيران فكان يحترمهم ويشاركهم في أحزانهم وأفراحهم مطبقاً لقول الحبيب محمد عليه السلام "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".
عرف أحمد رحمه الله بعطفه وحنانه على زوجته التي تذكره بحسن تعامله وخلقه معها، وهو المعروف بين أفراد العائلة كلها بصاحب الخلق والحكمة، وقد كان شديد المحبة لعائلته، محباً الخير لهم والتوفيق في كل أمورهم.
عاش أحمد على هذه الأرض سني عمره بتواضع وسكينة، وسرعان ما أدرك الغاية التي خلق من أجلها وعلم الواجب المطلوب منه، فلبى نداء هذا الواجب عاش وترجل شهيدا وبقيت ذكراه المجبولة برائحة المسك فهو ذلك الرجل الهمام صادق اللهجة، طاهر القلب، عفيف اللسان، البشوش على الدوام، لطيف العبارة، حسن السمات.
بيعته والتزامه
بدأ أحمد ارتياد المساجد منذ نعومة أظافره حيث كان حريصاً على الصف الأول في جميع الصلوات، حيث كان مشهوراً بحبه للإصلاح بين الناس، ويشارك إخوانه في مسجد قليبو جميع الزيارات التي يقوم بها المسجد، فكان نشيطاً مداوم علي حلقات الذكر وحفظ القران.
التحق الشهيد -رحمه الله- في صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس وانضم معهم يشاركهم في أعمالهم ونشاطاتهم، ويجلس معهم وتلقى في المسجد الدروس والدورات الدينية والدعوية على يد دعاة الحركة ومشايخها.
وكانت علاقته مع إخوانه في علاقة أخوة في الله، لأنه كل عمله الذي كان يؤديه يعتبره في سبيل الله، وأبرز ما تميز به الشهيد احترامه للجميع للكبار والصغار.
في صفوف القسام
طلب شهيدنا المجاهد من إخوانه الانضمام إلى صفوف كتائب الشهيد عز الدين القسام، وألح في الطلب وأمام عزمه وإصراره قبل ليكون مجاهدا قساميا وليأخذ دوره في الجهاد ككل مجاهدي الكتائب ففرح فرحا شديدا بهذا القبول وأيقن أنه بداية الطريق وأنه مقدمة للقبول عند الله.
وقد تلقى أحمد العديد من الدورات العسكرية على أيدي المجاهدين الأفذاذ الذين أخلصوا في بيعتهم لله، ومنذ أن دخل القسام أمضى جل وقته في الرباط والجهاد والإعداد وقد أبلى بلاء حسنا في مشواره الجهادي وبرهن بالفعل والعمل أنه جدير بأن يعتلى سلم الجهاد والمقاومة.
التزم شهيدنا في عمله العسكري وطلب من إخوانه المشاركة في العمليات الجهادية وحفر الأنفاق، حيث كان من المتفانين في خدمة دعوته وجهاده.
فصاحب الخلق أحمد كان فارساً بحق عندما أعطى بيعة الولاء لله عز وجل وبايع جماعة الإخوان المسلمين على السمع والطاعة في المكره والمنشط وبايعهم على التضحية والفداء، فكان نعم الجندي العامل لرفعة دينه الحريص على إعلاء راية الإسلام لتجاوز عنان السماء رقياً وارتفاعاً في عزة الإسلام والمسلمين.
رحيل المجاهد
بعد رحلة جهادية طويلة صعدت روحه الطَاهرة إِلى رَبها شَاهدةً عَلى ثَباته وصبره واحتِسابه، فما وهن ولا استكان، ولم يعرف للراحة طعم، ليلحق على عجل مبتسماً مرحاً سعيداً بركب الشهداء؛ ففي تاريخ 14/5/2021م، وخلال معركة سيف القدس، وأثناء تفقد شهيدنا أحمد لمحيط مسجد قليبو المجاور لمنزله بعدما استهدفته طائرات العدو الحربية بعشرات الصواريخ، وخلال ذلك أطلقت طائرات الاستطلاع صواريخها على المكان، ما أسفر عن استشهاد أحمد برفقة الشهيدين أحمد صباح وشقيقه يوسف المنسي.