القائد القسامي/ سامي سعيد محمد رضوان
جهاد وعطاء وتضحية
القسام - خاص:
قدم وضحى وبذل واجتهد، كان من الذين لم يسطروا التاريخ بريش أقلامهم بل سطر التاريخ عنهم بمداد دمائهم؛ قلبٌ نبض بحرارة الإيمان، وروحٌ ثابتةٌ في كل ميدان، ونفسٌ تسامت مضحيةً بلا إذعان، حملَ الأمانة ورحلَ عظيماً في ميدان التضحية والفداء لأجل نصرة الدين وإذلال الغاصبين.
مضى شهيدنا القائد المهندس سامي رضوان شهيداً فوق ثرى أرض الرباط، فكان ممن خاض القتال حين عز القتال، ومن الجنود الذين حبكوا خيوط النصر والتمكين بجهدهم وعزيمتهم يخطون طريق الأمة نحو النصر والتحرير.
الميلاد والنشأة
سامي رضوان من مواليد عام (1980م)، نشأ في أحضان أسرة إسلامية كريمة معروفة بالتزامها وكرمها وجهادها في سبيل الله.
عرف بحنانه الكبير على والديه اللذين أحبهما وأحباه فكان باراً بهما ومطيعاً لهما ويعمل على إرضائهما، خاصة والدته المقعدة والمريضة التي كان يخصص لها أيام للمبيت عندها وتلبية احتياجاتها الخاصة.
منذ صغره وحتى استشهاده صاحب الشخصية الهادئة المحبوبة من الجميع، عاش بين إخوته وأخواته محباً لهم حنوناً و عطوفاً عليهم وكان يحمل مسئوليةً كبيرةً بين أهله خاصة أنه الابن الأكبر بين إخوته، وقد تميز بالاستحواذ على حب كل من عرفه كونه لم يقصر في خدمة أحد طلب مساعدته ولم يتوانَ في مساعدة كل من احتاج مساعدته.
تزوج شهيدنا من أم عبد الله التي كانت له عوناً في حياته اليومية والجهادية، وقد أقر الله عينه بخمسة من الأبناء 3 بنات و2 من الأولاد، تأثروا كثيراً بشخصية أبيهم، فهو ودود يحرص على رفعتهم بالعلم والدين.
مسيرته وتخصصه التعليمي
خلال فترة دراسته كانت أخلاق شهيدنا وأدبه واحترامه تزين شخصيته، فلم يهتم بطلب العلم وحسب، بل جاوز ذلك إلى بناء شخصيةٍ إسلامية رزينة تشع نوراً وتفيض خيراً على زملائه.
اختتم حياته الدراسية الثانوية في عام 1998م، والتحق للدراسة في الجامعة الإسلامية، حيث درس تخصص هندسة اتصالات وتحكم، وحصل على العديد من الدورات في مجالات الحاسوب وبرامجه والشبكات.
كان مشروع تخرجه الجامعي تحت عنوان "المساعدة في التخفيف من معانة المزارعين أصحاب الأراضي التي تقع على الخط الزائل عن طريق عمل مشروع تشغيل ري المحاصيل الزراعية عن بعد".
في رحاب الدعوة
منذ صغره خطى سامي أولى خطواته في المسجد وترعرع فيه، والتحق بحلقات تحفيظ القرآن الكريم في جوانبه.
مع بداية عام 2001م انخرط في صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس ليبدأ التزامه في حلقات العلم الشرعي وتحفيظ القرآن الكريم، مشاركاً في الأنشطة والمسيرات والمهرجانات التي كانت تقيمها الحركة.
كان لأبي عبد الله العديد من الإنجازات في الجانب الدعوي، حيث أنه كان محافظاً على الصلوات بالمسجد، لا يخشى في الله لومة لائم يقول الحق وينصح به فكان نعم الجندي العامل لرفعة دينه الحريص على إعلاء راية الإسلام لتجاوز عنان السماء رقياً وارتفاعاً في عزة الإسلام والمسلمين.
عرف بدروه الاجتماعي الفعال والمميز في المسجد، يزور الأسر الفقيرة والمحتاجة، مميزاً بعلاقته الاجتماعية القوية مع أهالي الحي وخاصة أبناء مسجده العودة قبل أن ينتقل للسكن في الشيخ رضوان، فكان أخاً فاعلا في نشاطات المسجد يحب الخير وفعله.
اشتهر القائد بهدوئه الشديد وتوازنه العجيب، وصمته الطويل، فهو لا يتكلم إلا إذا دعت الحاجة لكلامه، إذا ذكر التواضع والبساطة ذكر أبو عبد الله، كان هينًا لينًا قريبًا من الناس معروفًا بعلاقاته الاجتماعية.
حياته الجهادية
أدركت قيادة القسام القدرات العلمية الكبيرة التي يمتلكها سامي والعقلية الفذة التي يتحلى بها، فكان لانضمامه في صفوف الكتائب استثناء خاص، ففي مطلع انتفاضة الاقصى الثانية عام 2000م تم تجنيده مباشرة للعمل في التصنيع العسكري، ليضع بصماته في دائرة المهندسين، فاخترع وابتكر وأبدع وشارك وطور من القدرات العسكرية لكتائب القسام.
كان لأبي عبد الله برفقة مهندسي القسام كلمة السر في ظهور شبكة الاتصالات العسكرية، فساهم منذ عام 2008م في تأسيس الشبكة التي جعلت قادة وجنود القسام على تواصل دائم وساهمت في تغيير مجرى المعركة مع الاحتلال، واستمر في متابعتها وتطويرها وتحصينها أمام محاولات الاحتلال في اختراقها لما يزيد عن 15 عاماً.
تنقل في العديد من التخصصات العسكرية فمن التصنيع إلى الاتصالات ثم الاستخبارات العسكرية حيث تدار معركة العقول مع الاحتلال، فقد نجح القائد ونخبة مجاهدي الاستخبارات في تحقيق اختراقات كبيرة وسط جنود الاحتلال، وتمكن من الحصول على معلومات مهمة، كان لها الدور الكبير في رسم العديد من الخطط ومستجدات المرحلة، وتسببت بخسائر لم تكن في حسبان العدو.
قاد المهندس معركة صراع العقول والأدمغة مع الاحتلال، فكان أحد المساهمين لما يعرف بمعركة حسناوات حماس، التي استهدف خلالها مهندسو الاستخبارات العسكرية جنود الاحتلال ونجحوا في الحصول على معلومات ضخمة وتحديثات ميدانية واختراقات أمنية وعسكرية، لا يزال الاحتلال يعض أصابع الندم عليها ويجني ويلاتها حتى يومنا.
كما ساهم في تأمين القسام وفصائل المقاومة وأبناء شعبنا والحفاظ عليهم من حملات الاحتلال التي تستهدف إسقاطهم أو الحصول على معلومات من خلالهم، فزاد الوعي الأمني من خلاله بصورة كبيرة وأوجد حائط صدٍ أمام محاولات الاحتلال الفاشلة لضرب الصف والوصول إلى مجاهدي القسام.
عاش واستشهد فارساً
آن للأرض التي حملتهم أن تحتضنهم، وآن لغزة أن تودع القائد المهندس أبو عبد الله، فلكل إنسان أجل مسطر في الكتاب لا ينقص ولا يزيد، فإذا حانت ساعة الرحيل لا يستأخرون ولا يستقدمون ولو للحظة واحدة.
فبعد رحلة جهادية طويلة صعدت روحه الطَاهرة إِلى رَبها شاهدةً عَلى ثَباته وصبره واحتِسابه، فما وهن ولا استكان، ولم يعرف للراحة طعم، ليلحق على عجل مبتسماً مرحاً سعيداً بركب الشهداء.
ارتقى صائماً في رمضان بتاريخ 12/5/2021م مع إخوانه المرابطين المجاهدين الذين يديرون احدى غرف عمليات معركة سيف القدس.
نحسبه من الشهداء الأبرار الأطهار ولا نزكي على الله أحداً، ونسأل الله أن يتقبله في الشهداء، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يرزق أهله جميل الصبر وحسن العزاء وإنا لله وإنا إليه راجعون.